قال الله عز وجل في كتابه الحكيم: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ. أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ.}( الأنفال: 2- 4 )
فهذه أيضا من صفات عباد الرحمن؛ المؤمنون، الكاملو الإيمان؛ إذا تليت عليهم آيات الله زادتهم إيماناً، لا يخرّون عليها صمًّا وعمياناً كما يفعله الكفار الأجلاف وأهل البدع الأجلاف أيضا؛ كثير من أهل البدع تُقرَأ عليهم الآيات في أبواب التوحيد وأبواب الأحكام والحلال والحرام التي يقعون في مخالفتها، وآيات الوعيد فلا يرفعون بذلك رأساً ولا يستفيدون، ولو كان أهل البدع ممن إذا ذُكِّر بآيات الله يتذَكَّر ويتَّعظ ويزداد إيمانا لمَا بقيَت هذه البدع ولما بقي عليها أهلها قروناً متطاولة.
فالمعتزلي مستمّر على اعتزاله، والرافضي مستمر على رفضه، والخارجي مستمر على خارجيته، والصوفي الغالي مستمر في غلوه، وقد يشتركون في كثير من الضلالات، والمرجيء على إرجائه وكل قبوري على قبوريته.
تُقرأ عليهم الآيات وتتلى عليهم الأحاديث وتبين لهم أقوال العلماء فيستمرون على بدعهم، ما السر ؟! إنهم يمرون عليها صماً وعمياناً، ليسوا من نوعية عباد الرحمن الذين إذا ذُكِّروا يتذكرون، وإذا وُعِظوا يتَّعظون، وإذا تليت عليهم آيات الله زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون، ويعملون سائر الأعمال الصالحة التي ذكرت في هذه الآيات من سورة الأنفال، والتي ذكرت في كثير من آيات القرآن الكريم ومنها هذه الآيات التي نتحدث عنها الآن من سورة الفرقان.
فاحرصوا على أن تستسلموا وتنقادوا وتتصفوا بصفات المؤمنين، وصفات عباد الرحمن فإذا كنت على خطأ فارجع، وإذا كنت على صواب فازدد إيمانا: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً } وإياك ثم وإياك أن تتشبه بالكافرين الجاحدين، أو بالمبتدعين الضالين، المعاندين، تتصف بهذه الصفات.
وقال تعالى أيضا:{ ألاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } ( الرعد : 28 )؛ تنشرح الصدور، وتطمئن القلوب وتقشعر الجلود وقوله أيضا: { ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ } ( الزمر : 23 ) فكونوا من هذه الأنماط الكريمة الرفيعة؛ لأن الله أكرمكم بالإسلام، فكونوا كرماء وفي أخلاقكم مع الناس كرماء، وفي أخلاقكم مع رب العالمين أكرم وأكرم، وأطوع لله سبحانه وتعالى، وأكثر انقيادا له سبحانه وتعالى.
من شريط مفرغ للشيخ ربيع المدخلي بعنوان صفات عباد الرحمن