(( عندما نعيش وسط زحمة المشكلات المدفونة والتغيرات المتسارعة في
مجتمع عاش قرونا من الزمن يستمد تعاليمه من مصادر الشريعة الغرّاء فإنه
يجب أن نقف وقفة الحازمين نضع المجهر على غرائب الأمور وعجائب الأحداث
حتى لا تنكسر أعمدة الدين وأُسس الأخلاق التي أدركتها عقولنا بإنغراس الفطرة
السليمة في قلوب البشر أجمعين))
فقد خلقنا الله ذكوراً وإناثاَ ولم يتركنا عبثا، بل أرشدنا إلى سُبُل توطيد العلاقة
بيننا وعلمنا مسالك الهداية التي توصلنا إلى حقيقة الإنسجام والتكامل بين
الذكر والأنثى وأودع الله في الذكر خصائص تجعله ذو طبيعة إندفاعية نحو الأنثى لدرجة عالية وكذلك أودع في الأنثى
ومن رحمة الله إنه خلق هذه الخصائص لإحتواء طبيعة الجنسين وجعلها
في عملية تكوينية يصنعون من خلالها أواصر الود والتآلف والتقارب
الروحي والجسدي حتى لا يشعر كل منهما بفقدان الآخر، ولهذا يقول الله تعالى
(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها)
ولا ريب بأن عملية التآلف الروحي والإنسجام العاطفي والإحتكام إلى الحاجات
الجسدية والروحية بين الجنسين وفهم متطلبات الآخر تعتبر هي الأسس التي
تقوم عليها سعادة البشر جميعهم وعند الإخلال بأي من هذه الأسس سنجد أنفسنا
أمام مأساة تلاحقنا ومصاعب تعتري طريق السعادة المنشود وتنهدم الآمال
التي تسعى لبناء جيل قائم على فهم حقيقة العلاقة بين الجنسين
من هنا إرتأينا طرح موضوع غاية في الأهمية بعدما ساءت الأحوال وشاعت
الأهوال من جراء أعاصير صارت تعصف بمجتمعنا وترميه في مستنقعات
لا نقبل لأبناء وبنات مجتمعنا البضوخ فيها ويجب إنتشالهم منها إلى أرض
سليمة ونظيفة تجعل الأمان هو عنواننا
في واقع الحياة تلتحف مجتمعاتنا بغطاء ممزق ناتج عن خلل ناتج في العلاقة
العكسية التي يجب أن تكون بين الرجل والمرأة وذلك نابع عن تخلف فكري
تعاني منه عقول الكثيرينوعند غياب الفهم عند الرجل حول إحتياجات المرأة روحيا وجسديا والعكس كذلك، فإن ذلك يقود لمنحنى بالغ الخطورة وتنقطع حبال الوصل
وتنمحي أواصر المحبة ويظل كل منهما يلوم الآخر في داخله،
ولا يخفى على أحد من وجود حالات كثيرة تظهر فيها قوة الإنكماش في العلاقة
بين الرجل والمرأة وخصوصا المتزوجين وتبقى هذه مشكلة عويصة تحتاج
لمعالجة والعقلاء هم من يدركون طريقة علاجها
:
وكما نعلم إن الزواج هو سر السعادة للرجل والمرأة لما ينتج عنه من
شحن القلوب بالمشاعر الصادقة وغمر النفوس بالمسالك الحميدة التي
تزرع في الزوجين راحة وهناء وإكتفاء بما كانوا يفتقدونه قبل الزواج، فإنه ينبغي
على الزوجين فهم العلاقة الزوجية جيدا و توفير كل طاقاتهما لإرضاء بعضهما
البعض وإن بدأ أي قصور من أحدهما فإن النقص والفراغ الذي كان قبل الزواج يبدأ
في الظهور مرة أخرى.
:
في مجتمعنا المعاصر تنتشر ظاهرة التفكك الأسري سواءا بين الزوج
وزوجته أو بين الأبناء وآبائهم وترجع أكبر الأسباب إلى الجفاف العاطفي
والقصور من الناحية النفسية والعاطفية ويتشكل بعد ذلك نوع من التنافر
بين أصحاب العلاقة وخاصة المتزوجين، فكثيرا ما نسمع عن زوجة
خانت زوجها أو زوج لجأ لعشيقة تمنحه ما يفقده من زوجته أو فتاة تقيم
علاقة مع شاب لأنها تجد معه ما حرمها منه أبوها أو أخوها.