بمناسبة اليوم العالمي للأيدز
إذا كانت الحقن الملوثة يمكن أن تنقل العدوى بالإيدز .. لماذا لا ينتقل المرض بواسطة البعوض ..؟
ينتقل مرض الإيدز بواسطة عامله الممرض المعروف فيروس نقص المناعة البشري المكتسب – النمط الثالث HIV – III ، و ينتقل هذا الفيروس من الشخص المريض إلى الشخص السليم بواسطة الجنس ، و نقل الدم و مشتقاته ، و لدى مستخدمي الحقن الوريدية المشتركة – مثل مدمني المخدرات – و الانتقال العمودي حول الولادة من الأم إلى جنينها ، أو إلى وليدها ، أو إلى رضيعها .
و طالما أن الفيروس ينتقل بالدم ، و طالما أن البعوض ينقل بعض الأمراض مثل الملاريا ، فلماذا لا ينتقل الإيدز بواسطة البعوض ؟ ذلك لأن الفيروس يهاجم بشكل خاص و نوعي جداً الخلايا اللمفاوية في الجهاز المناعي بمختلف أشكالها ، و لا سيما منها اللمفاويات التائية البشرية Human T Lymphocytes ، إذ يملك على سطحه جزيئاً يستقر بشكل خاص على سطوح أغشية اللمفاويات بواسطة جزيء آخر متمم له موجود على سطح الخلية المخموجة ، و بالتالي فإنه بمجرد خروجه من جسم المريض الذي يستعمل الحقنة الوريدية ، يدخل إلى جسم الشخص السليم بواسطة هذه الحقنة الملوثة و يباشر بمهاجمة الخلايا من أجل بدء دورة حياته و تكاثره . من ناحية أخرى ، فإن البعوضة عندما تقوم بامتصاص دم الشخص المريض ، و معه الفيروس المسبب للمرض ، يتدرك (أي يتخرب) الفيروس في أمعائها بسبب عدم وجود الخلية الهدف الخاصة به ، و هي اللمفاويات البشرية ، و بالتالي يتم تحلله في الجهاز الهضمي الخاص بالبعوضة قبل أن تقوم البعوضة بلسع الشخص السليم ، بخلاف طفيليات الملاريا مثلاً ، التي تسبب مرض الملاريا الذي ينتقل بواسطة لدغ نوع خاص من البعوض هو أنثى بعوض الأنوفيليس ، حيث إن هذه الطفيليات تحتاج إلى ناقل خاص (أنثى بعوضة الأنوفيليس) تتم فيه دورة حياتها و تتابع نضجها في جسمه لتستقر بعد ذلك في غدده اللعابية ، و من ثم تنتقل إلى الشخص السليم الذي تلسعه البعوضة بعد ذلك ، أي إن مرض الإيدز هو مرض يصيب الإنسان فقط ، بينما الملاريا مرض يصيب البعوض كما يصيب الإنسان!
و إذا كان شخص ما في مساء صيف جميل في منطقة موبوءة بمرض الإيدز ، و أثارت إحدى البعوضات انزعاجه فقام بسحقها على جلد جسمه ، و كانت هذه البعوضة قد أنهت للتو وجبتها الأخيرة على حساب دم شخص مصاب بالإيدز ، و كان هناك خدش أو سحج بسيط على الجلد الذي تم فوقه سحق البعوضة ... فإنه يمكن أن ينتقل المرض بواسطة البعوض بهذا الشكل و لو كان احتمال هذا الانتقال بسيطاً جداً ..!
و قد أشارت العديد من الدراسات إلى أنه على الرغم من أن الإيدز ينتقل بواسطة الجنس ، و لا ينتقل بواسطة اللعاب أو التقبيل ، إلا أن هناك احتمال ، و لو كان ضعيفاً ، لانتقال المرض بواسطة القبل الحميمية جدا ً ! مثل تلك التي فازت بلقب أطول قبلة في المسابقة التي أجريت مؤخراً في الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث استمرت القبلة بين حبيبين ما يزيد على النصف ساعة ..!
و على الرغم من أن الإيدز هو مرض الخطيئة ، أو غضب الرب كما يطلق عليه البعض ، إلا أنه لا يصيب ، غالباً ، إلا من كان يستهتر به و لا يحسب له ، و من النادر جداً أن يصيب أشخاصاً لا ذنب لهم و لا خطيئة ، مثل الذين يصابون عن طريق المصادفة ممن هم بحاجة إلى نقل دم متكرر و مرضى الكلية الصناعية و الأزواج لشركاء مصابين و غيرهم ، مع استثناء واحد هو أنه يصيب غالباً مواليد الأمهات المصابات ، و هؤلاء لاذنب لهم و لا خطيئة ، إلا أنهم غالباً ما يؤخذون بجرائر ذويهم ، الذين لم يكن عليهم سوى الابتعاد عن الدروب الموردة للتهلكات من الأساس ، أو توخي الحيطة و الحذر ، و لا أظنهما يجديان كثيراً ، أثناء سلوكهم لمثل هذه الدروب ، و لا تنتهي المشكلة فقط عند ولادة أطفال مصابين بالمرض ، بل تتعداها إلى المشاكل التي يمكن أن يتعرض لها أولئك الأطفال بمجرد إطلاق صرختهم الأولى في الحياة ، ففي إفريقيا يكاد الإيدز يقتل جيلاً من البالغين ، مخلفاً وراءه جيلاً من الأطفال الذين جمعوا إضافة إلى كونهم مصابين بالمرض ، كونهم الآن يتماً لا عائل لهم ، فكلا الوالدين قضى تحت وطأة هذا المرض ، و لا يحالف الحظ عائلهم الجديد في معظم الحالات ، حيث يكون إما مصاباً بالمرض، أو بلا عمل الأمر الذي يضاعف من مخاطر و تأثيرات المرض الاجتماعية و الصحية في الوقت عينه . و تشير دراسة أجراها اتحاد دعم اليتامى في زيمبابوي ، و هي دولة تقع في جنوب إفريقيا و تحمل معدلات عالية للمصابين ناك ، إلى أن عدد الأطفال الميتمين بسبب الإيدز يزداد بمعدل 000¸60 طفل سنوياً ، و الوضع متشابه و رهيب في سائر أنحاء إفريقيا ، الأمر الذي يجعل من الأيدز وباءً لم تر الأرض مثله منذ الطاعون ، و لا يملك القائمون على دور الرعاية الخاصة بهؤلاء الأطفال إلا الشعار القائل :" إن كان لا بد أن يموت .. فليمت بكرامة ."